قال الله سبحانه وتعالى: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ) القصص (40)... كلمة (الْيَمِّ) ليست عربية، وهي تعني البحر أو النهر، في اللغة المصرية القديمة (الهيروغليفية)، فقد كان المصريون القدماء في عصر الفراعنة يطلقون على النهر أو البحر اسما واحدا هو كلمة (يم).
وعندما تحدث القرآن الكريم عن أنهار مصر أو بحارها، يذكر اللفظ الذي كانوا يطلقونه على النهر أو البحر وهو كلمة (اليم). أما إذا تحدث القرآن الكريم عن البحار والأنهار في غير ذلك الموضوع فيقول: بحار وأنهار.
وذكرت كلمة (اليم) في القرآن الكريم في 8 آيات، وذكرت جميعا في قصة النبي موسى –عليه السلام- مع فرعون مصر. وقد ذكرت كلمة (اليم) بمعنى النهر أو البحر في معجم ألفاظ الهيروغليفية لهرمان جرابو سنة 1971 قال: إن كلمة (يم) كلمة فرعونية، فإذا تحدث القرآن الكريم عن المصريين القدماء وجاء ذكر البحر أو النهر، عبّر عن كل منهما بكلمة (اليم) أما إذا تحدث القرآن الكريم عن بني إسرائيل وجاء ذكر البحر أو النهر فيقول: (البحر) أو (النهر)؛ لأن بني إسرائيل لم يكونوا مصريين ولم تكن لغتهم لغة مصر القديمة. ففي سورة البقرة (الآية 50) يخاطب بني إسرائيل عن إنجائهم وإغراق آل فرعون في البحر. ولما كان الخطاب لبني إسرائيل فقد قال (البحر) ولم يقل (اليم) قال تعالى: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) البقرة (50). أما إذا تحدث عن المصريين القدماء فيذكر كلمة (اليم) كما في سورة الذاريات في قوله تعالى: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ)، وفي سورة الأعراف (136): (فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ)، وفي سورة طه (78): (فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ).
واللغة المصرية القديمة لم تعرف ولم تكتشف إلا بعد منتصف القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20؛ حيث تعرف شامبليون على ألفاظ الكتابة الهيروغليفية المنقوشة على حجر رشيد.. وبذلك عرفت ألفاظ لغة المصريين القدماء، ولم تكن لغة مصر القديمة في عصر نزول القرآن الكريم أيضاً. فإذا وجدنا في القرآن الكريم هذه الدقة العلمية في بعض ألفاظ لغة مصر في العصر الفرعوني مثل كلمة (يم) وغيرها من الكلمات المصرية القديمة، فإن هذا يدل دلالة لا شك فيها على الإعجاز العلمي والتاريخي في القرآن العظيم.