السلام عليكم ورحمة وبركاته
فإن
الحياة البرزخية تبدأ بقبض الروح والعروج بها والقبر وأحواله وأهواله
المتضمنة لضمة القبر وسؤال الملكين الذي يتحدد به مصير المرء ويفسح له في
قبره إن كان من الصالحين ويضيق ويشتعل عليه إن كان من الطالحين ويعرض عليه
مقعده في الجنة ومقعده في النار فيستبشر الصالح ويزداد الطالح غما على غم
ويبقى المنعم منعما والمعذب معذبا إلى يوم يبعثون كل ذلك دلت عليه النصوص
الشرعية الجامعه لأحوال الموتى عند قبض أرواحهم وفي قبورهم
وأخرج البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
"
إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ
وَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ
فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولَانِ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ
لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ
فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ فَيُقَالُ لَهُ
انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنْ النَّارِ قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ
مَقْعَدًا مِنْ الْجَنَّةِ فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا
" قَالَ قَتَادَةُ وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ "وَأَمَّا
الْمُنَافِقُ وَالْكَافِرُ فَيُقَالُ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا
الرَّجُلِ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ
فَيُقَالُ لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ وَيُضْرَبُ بِمَطَارِقَ مِنْ
حَدِيدٍ ضَرْبَةً فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ غَيْرَ
الثَّقَلَيْنِ" .
هذا
لفظ البخاري وزاد مسلم في كلام قتادة فقال :قَالَ قَتَادَةُ وَذُكِرَ
لَنَا أَنَّهُ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا وَيُمْلَأُ
عَلَيْهِ خَضِرًا إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ.
البرزخ في القرآن الكريم
لقد جاء ذكر البرزخ في القرآن الكريم في مواضع ثلاث كلها بالمعنى المتقدم ، أما الآيات فهي:
1. قال الله تعالى في القرآن الكريم : ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ ﴾ سورة الرحمن ( 55 ) ، الآية : 20 .
2. و قال تعالى أيضاً : ﴿ و جعل بينهما برزخاً و حجراً محجوراً ﴾ سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 53 .
3. و قال عَزَّ و جَلَّ أيضاً : ﴿ ... وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ سورة المؤمنون ( 23 ) ، الآية : 100 .
ثم إن القرآن الكريم استعمل هذه اللفظة لبيان أن هناك عالَماً آخراً يفصل بين الدنيا و الآخرة يمرُّ به الإنسان ، إذ قال : " و من و رائهم برزخ ... " . و الأحاديث الشريفة على غرار
هذه الآية تؤكد على أن " البرزخ " هو الوقت الفاصل بين حياة الإنسان في عالم الدنيا و بين نشأته في عالم الآخرة ، أي من وقت موته إلى حين بعثه في يوم القيامة .
وقد ورد في تفسير قوله تعالى: ﴿ ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ﴾ ** سورة المؤمنون ، 100. البرزخ هو أمر بين أمرين، وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة ..
و تساءلت في نفسي بعد ذلك كثيراً ؟!
لماذا لا نسعى لحياتنا الباقية ؟
إن
الحياة قصيرة و أيامها معدودة...و منغصاتها كثيرة...و آهاتها عظيمة...و
مصائبها جليلة...و رغم ذلك نسعى لخطبة هذه الحياة الفانية ...فنقدم لها
مهراً ثميناً من حياتنا الباقية...إن الخلق يعيشون ثلاث مراحل من
الحياة...الحياة الدنيا ...و حياة البرزخ ...و
حياة الآخرة...فالحياة الدنيا هي أيام معدودة ...لا يعلم المرء متى
انقضاؤها...و لا يدري متى نهايتها...و لا يعلم متى يرحل منها...و الرسول
صلى الله عليه و سلم....يقول إن أعمار أمتي بين الستون إلى السبعون...فهي
حياة قصيرة على المقصر و المجتهد...فالمقصر سوف يندم إن لم يتب و
يستقيم...و المجتهد يندم إذ لم يستزيد....فغداً يحين الندم..عندما يحضر ملك
الموت...و عندما نُحمل على الأكتاف...و يعلم هل كنا على خير أم لا قال
تعالى (184) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ
وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ
عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)سورة آل عمران