يا غلام ، إني مُعلمك كلمات
د. إبراهيم بن فهد بن إبراهيم الودعان
عن حنش الصنعاني عن عبدالله بن عباس قال : كنت خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا غلام إني معلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فلتسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف"[1].
من فوائد الحديث :
**********************
1- ملاطفة النبي - صلى الله عليه وسلم - للصغار، حيث إنه أركب الغلام خلفه، وتحدث معه.
2- أن من حفظ الله حفظه، ومن ضيع دين الله فقد أضاع نفسه، ولن يحفظه الله.
3- أن الضر والنفع بيد الله.
4- علق رجاءك، وأملك بالله، ولا تلتفت للمخلوقين[2].
5- العناية بالصغار، وإرشادهم وتوجيههم.
6- أن العلم يؤخد شيئًا فشيئًا، يؤخد كلمات يسيرة أول شيء، ثم ينمو ويزداد، ولا يؤخد العلم دفعة واحدة.
من قوله : "إني أعلمك كلمات".
7- أن الجزاء من جنس العمل. فإذا حفظت دين الله حفظك الله.
8- أن الله سبحانه قريب من عباده، فإذا طلبت شيئًا فاطلبه من الله.
9- سؤال الناس فيما يقدرون عليه جائز، لكن الأولى بالعبد أن يتعفف عن سؤال الناس.
والسؤال فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك أكبر.
10- الإيمان بالقضاء والقدر[3].
11- رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ابن عباس أهلًا للوصية والنصيحة مع صغره لذا أوصاه ونصحه[4]، وهو وإن كان الكلام موجهًا لابن عباس، لكنه أيضًا للأمة.
12- تعليم الأبناء على هذه المبادئ العظيمة التي تضمنها هذا الحديث.
13- الشباب طاقة الأمة، وأملها الكبير، لذا كان الحبيب - صلى الله عليه وسلم - يحرص أشد الحرص، ويهتم أشد الاهتمام بهذا الجيل.
14- ألا نتأفف من مجالسة الصغار، ومخالطتهم، والاستماع لهم، فها هو المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يحملهم معه ويحادثهم، ويباسطهم في الحديث.
15- على المربي والواعظ أن يلتفت لأسلوب التشويق، وأدوات التنبيه، من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يا غلام! ألا أعلمك"[5].
16- الحرص على الوقت واستغلاله؛ بما يعود بالنفع على المكلف في الدنيا والآخرة، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يستغل وقته حتى أثناء تنقله من مكان إلى آخر، فقال هذه الوصية عندما كان ابن عباس رديفه على الدابة[6].
17- تواضع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولين جانبه.
18- أن كل شيء منتهي ومكتوب، ومفروغ منه، فلم الحسرة والندم.
19- أهمية التوحيد، والعقيدة الصحيحة، وخاصة إذا تعلمها الإنسان وقت الصغر، فإن لها شأنًا عظيمًا في الثبات.
20- فيه تعليم الصغار وغيرهم على الثقة بالنفس، بعد الثقة بالله أولًا، وعدم الخنوع، والاستسلام أمام المحن والشدائد.
***************************************
[1] أحمد 2669، الترمذي 2516، وقال : حديث حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح الجامع 7957.
[2] من 1- 4 مستفاد من شرح الأربعين النووية للشيخ ابن عثيمين ص 204- 205.
[3] من 5- 10 مستفاد من المنحة الربانية شرح الأربعين النووية للشيخ الفوزان ص 174- 175.
[4] شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد 1/53.
[5] من 13- 15 مستفاد من إيضاح المعاني الخفية في الأربعين النووية لمحمد تاتاي 145.
[6] قواعد وفوائد من الأربعين النووية لناظم سلطان ص 178.