أسباب نزول آيات سورة ( النساء )
{وَآتُواْ
ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِ
وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ
حُوباً كَبِيراً }
قوله تعالى: {وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ} الآية. [2].
قال مقاتل الكلبي: نزلت في رجل من غطفان كان عنده مال كثير لابن أخ له
يتيم، فلما بلغ اليتيم، طلب المال فمنعه عمه، فترافعا إلى النبي صلى الله
عليه وسلم، فنزلت هذه الآية. فلما سمعها العم قال: أطعنا الله وأطعنا
الرسول، نعوذ بالله من الحُوبِ الكبير. فدفع إليه ماله، فقال النبي صلى
الله عليه وسلم: من يُوقَ شُحَّ نفسه ورجع به هكذا فإنه يَحُلُّ دَارَه.
يعني جَنَّتَه. فلما قَبَضَ الفتى ماله أنفقه في سبيل الله تعالى، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: ثبت الأجر وبقي الوزر، فقالوا: يا رسول الله، قد
عرفنا أنه ثبت الأجر، فكيف بقي الوزر وهو ينفق في سبيل الله؟ فقال: ثبت
الأجر للغلام، وبقي الوزر على والده.
{وَإِنْ
خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ
لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ فَإِنْ خِفْتُمْ
أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ ذٰلِكَ
أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ }
قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ...} الآية. [3].
أخبرنا أبو بكر التَّمِيميّ، أخبرنا عبد الله بن محمد، حدَّثنا أبو يحيى،
حدَّثنا سهل بن عثمان، حدَّثنا يحيى بن أبي زائدة، عن هشام بن عروة، عن
أبيه، عن عائشة في قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ...}
الآية، قالت:
أنزلت هذه في الرجل يكون له اليتيمة وهو وليها، ولها مال، وليس لها أحد
يخاصم دونها، فلا يُنْكِحها حُبّاً لِمَالها وَيَضرُّ بها ويسيء صحبتها؛
فقال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ
فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ} يقول: ما أحللت لكم ودع
هذه. رواه مسلم عن أبي كُرَيب، عن أبي أسامة، عن هشام.
وقال سعيد بن جُبَير، وقتادة، والربيع، والضّحاك، والسّدي:
كانوا يتحرجون عن أموال اليتامى، ويترخصون في النساء ويتزوجون ما شاءوا،
فربما عدلوا، وربما لم يعدلوا؛ فلما سألوا عن اليتامى ونزلت آية اليتامى:
{وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ} الآية - أنزل الله تعالى أيضاً:
{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ} الآية.
يقول: وكما خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى، فكذلك فخافوا في النساء أن لا
تعدلوا فيهن، فلا تتزوجوا أكثر مما يمكنكم القيام بحقهن؛ لأن النساء
كاليتامى في الضعف والعجز. وهذا قول ابن عباس في رواية الوَالبي.
{وَٱبْتَلُواْ
ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ
مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ
تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً
فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِٱلْمَعْرُوفِ
فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ
وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً }
قوله تعالى: {وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ...} الآية. [6].
نزلت في ثابت بن رفاعة وفي عمه وذلك أن رفاعة توفي وترك ابنه ثابتاً وهو
صغير، فأتى عم ثابت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: إن ابن أخي
يتيم في حجري فما يحل لي من ماله، ومتى أدفع إليه ماله؟ فأنزل الله تعالى
هذه الآية.