ومضات على الطريق
(4)
محمد محمود عبدالخالق
(1)
داوم على العمل وإن قل !!!!!
لقد جاء الأسلام فحث أتباعه على المبادرة إلى الخير والتسابق عليه والتنافس فيه
، وجاء هذا التوجيه في القرآن كثيراً فتارة نقرأ قول الحق تبارك وتعالى: (
وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ) ، وتارة
نقرأ: ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم ....) ، وتارة : ( فاستبقوا الخيرات ) ،
وهكذا يُعود القرآن أصحابه وأهله على حب الخير وضرورة المسارعة في فعله كما
يعلمهم ضرورة المحافظة على فعل الخير والمداومة عليه في ذات الوقت ، فالله جلا
وعلا يقول : ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) ولا شك أن التنافس يحتاج إلى
اليقظة في ضرورة أتيان كل أبواب الخير والمداومة على ذلك فلا تنافس بين الكسالى
والمرائين أو الذين يحافظون على الخير في أوقات و أماكن بعينها ثم يتركون الخير
ويتخلون عنه في أوقات وأماكن أخرى ، والله تعالى يقول
إن الله لا يغير ما
بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) فمن حافظ على فعل الخيرات وداوم عليها يهنىء في
دنياه ويسعد في آخرته ويشمله رعاية الله وحفظه ورضاه والله لا يغير تلك النعمة
على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فيتجرؤن على معصيته ومخالفة أمره فيقل الخير
بينهم ويعم الشر ويزداد ؛ وبهذا يتضح لنا ضرورة المحافظة على أعمال الخير والبر
وأن لا نكون ممن يفعل الخير ولا يداوم عليه وفي هذا يروى عن أم المؤمنين عائشة
رضي الله عنها قالت :" كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حصير وكان يحجره (
أي يتخذه حجرة وناحية ينفرد عليه فيها ) بالليل فيصلي عليه ويبسطه بالنهار
فيجلس عليه ، فجعل الناس يثوبون إلى النبي صلى الله عليه وسلم يصلون بصلاته حتى
كثروا فأقبل عليهم فقال : يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا
يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل " ، وفي رواية أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال " سددوا وقاربوا واعلموا أنه لن يُدخل أحدكم عمله
الجنة وإن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل " ، ولهذا كانت السيدة عائشة
رضي الله عنها إذا عملت العمل لزمته ، وفي رواية عند الترمذي " كان أحب
الأعمال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ديم عليه " .